الأحد، 4 أكتوبر 2015

حب آلذات والأنانيه

حب الذات والأنانيه



الكثير في مجتمعنا يخلط بين حب الذات والأنانيه ويُظلم المحب بذاته ويُتهم بالأنانيه بسبب تخلف وجهل مجتمع لا يفقه المفهوم الصحيح لـ(حب الذات) حيث يسمي هذا الجاهل حب الذات بالأنانيه، وللأسف هناك الكثير من الجهلاء يتهمون حتى أقرب أقربائهم بالأنانيه دون وعي وفهم المعنى الحقيقي، ولذلك أطرح لكم المعادله البسيطه بالتفريق بحب الذات والأنانيه فقط لكي لا نتهم الآخرين بالأنانيه ونستطيع التفريق بين الصفتين لأن إن استمرت كهذه الاتهامات بين بعضنا البعض لساد الإملاق في المجتمع ونحن لا نريد إلا السلام الروحي فإن سلمت الروح ساد السلام العالمي.



أولاً: ماهو حب الذات؟
هو علاقة الجسد والنفس بالروح.

تعريف جداً مختصر وسلسل، ولكن ما المقصود في التعريف؟
هناك ثلاثة أنفس خلقها الله وسبحانه وتعالى وهي:

النفس الأماره: هي التي تأمر بالسيئات واتباع الباطل واقتراف الذنوب وعصيان الله وماشابه ذلك، كقوله تعالى: { وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ } (سورة يوسف).

- النفس اللوامه: هي النفس التي تجمع بين النفس الأماره بالشر والنفس المطمئنه للخير وبتفسير فلسفي تأتي بمعنى تأنيب الضمير إذا فعلت شراً أو ذنباً فالنفس تلوم صاحبها، وكذلك تُفسر على إنها تجعل صاحبها في صراع نفسي بين الخير والشر. كقوله تعالى { وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ } (سورة القيامة).

- النفس المطمئنه: هي النفس الراضيه المرضيه الفاعله للخير والحاصده على الراحه والاطمئنان لربها بإطاعة أوامره فلا خوف فيها ولاحزن والحاصله على العناية الربانيه. كقوله تعالى { يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً } (سورة الفجر).

إذاً بعد التعريف المختصر للأنفس ومعانيها هنا يأتي الارتباط بين الجسد والنفس، أي إن جسد الانسان من طين وتخلق فيها النفس أياً كانت تلك النفس التي أوجدها الله تعالى في أجسادنا، فهناك أشخاص يولدون بأنفس أماره أو لوامه أو مطمئنه ومع العيش والحياه تلك النفس تبقى على ماهي عليه أو تتغير فمثلاً اللوامه تصبح مطمئنه أو أماره وعكس ذلك.

النفس هي محرك المشاعر والأحاسيس الداخليه المخلوقه في الجسد الطيني، والمعروف إن إحدى مرادفات كلمة النفس في قاموس اللغه العربيه هي كلمة الذات.

أما علاقة الجسد والنفس بالروح، فـالروح هي المحرك الحركي للجسد والمشغل الطاقي للنفس، بمعنى ذلك إن النبض والفقه والتفكير والابصار والسمع والحركات ماهي إلا بفعل الروح فالله سبحانه نفخ الروح في الجسد لتحركه وتحرك النفس المخلوقه في الجسد، كما قال تعالى: { ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ ۖ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ } (سورة السجده).

ثانيا: من هو المحب لذاته؟
هو الشخص الذي يستمع لصوته الداخلي لحدسه وماتحبه وترضاه نفسه، وهو الشخص الذي يدرك ماهية نفسه بين الأنفس.

ثالثاً: كيف أحب ذاتي؟

- ابحث عن نفسك: أي اعرف ماهي نفسك من بين تلك الأنفس.

- تعَرف على نفسك: كن صادقاً وصديقاً لنفسك وعليك بمحاسبتها إذ أخطأت، عليك معرفة إيجابيات وسلبيات ذاتك، فإذا أخطأت كن صادق وأعترف لنفسك إنك أخطأت أي لتجعل نفسك لوامه، فالصدق مع النفس حلقه تساعدك للتأمل الصادق مع نفسك الحقيقيه وتساعد للوصول للنفس المطمئنه.
أما إذ حدث عكس ذلك وكذبت نفسك فستصبح نفسك تلك النفس أو الذات الأماره، وهي من أسوء أنواع الذوات وهي التي تدفع الإنسان للمفهوم الصحيح للأنانيه.

- تأمل نفسك: أي مارس التأمل بشكل يومي وابتعد عن الأماكن التي تسبب لك ضغوطات، اعط لنفسك وقتاً وانعزل عن العالم.
طرق التأمل كثيره وحقيقة طرق التأمل هي ماترغبه نفسك أنت وماتحبه، أي هناك من يجد راحته في التأمل الانعزال في غرفه بإضاءه خافته وآخر يتأمل بجلوسه في كافيه هادئ وآخر يجد راحته في التأمل بالجلوس على شاطئ البحر وهكذا، ويختلف ارتياح الشخص لطريقة التأمل عن الآخر، مارس التأمل إلى أن تأتي لحظة الحدس أي الصوت الداخلي لذاتك.

- تصافى مع نفسك: سامح نفسك وارضى بها وعدها أن تكن لها أولا ثم لغيرها.
عن الرسول عليه الصلاة والسلام " إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ "
أي إيتاء الحقوق بالترتيب كما ذُكرت بالحديث الشريف هي الأصح وليس مانراه في مجتمعنا يكون حق النفس آخر الحقوق لدى البعض.

أي الحقوق تكون كالآتي:
1- الله
2- أنا
3- الأهل وتشمل بقية أفراد المجتمع 
حين أتحدث عن حقوق الله ليس فقط المقصود بها الصلاة والصيام فهذا ليس فقط دين الله هناك الكثير من الحقوق والواجبات علينا إدراكها لنيل رضا الله بمعنى عليك أداء أركان الاسلام الخمس بالإضافة إلى الطاعات والعبادات الاخرى والابتعاد عن المعاصي ومايغضب الله تعالى من صغائر الأمور وكبائرها، فإن جاهدت وعقدت نيتك لرضا الله سيكون عليك سهلاً لإكتشاف ذاتك.

وأضيف على ذلك الإنسان غير معصوم عن الخطأ ومن طبيعته خطاء فالله سبحانه خلق الانسان ليخطئ ولكن ويتعلم ولايكرر الخطأ ولذلك لابد من بني البشر الاجتهاد لإبتغاء مرضاة الله والمحاولة بأداء كافة الحقوق.

فالنفس أي الذات هي الحق الثاني من الحقوق فلايصح أن نهملها لتكن الأخيره، لذلك في يوم الحساب الله وسبحانه وتعالى أيضاً سيحاسبنها ماذا قدمنا لأنفسنا، قال تعالى يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي } ( سورة الفجر )، حين نهمل حياتنا ولا نقدم لها شئ من الخير والصلاح ومايفيدها ويرضيها ونسعى جاهدين في إرضاء ذوات الآخرين قبل ذواتنا حينها الله تعالى سيسألنا ماذا قدمنا لحياتنا؟ هل أرضيناها؟ هل عملنا صالحاً خيراً لأنفسنا؟ وذلك للعلم إن من مرادفات النفس في اللغه العربيه أيضاً الحياه، ولذلك نستنتج إن الحياه والنفس والذات تأتي بمعنى واحد في معجم اللغه العربيه.

- توكيدات حب الذات: هي عبارات نرددها دائماً لأنفسنا ونؤكد على ذواتنا ونقنع الذات ونرسلها رسائل الوعي للعقل الباطن بهذه التوكيدات، وهنا بعضاً من تلك التوكيدات:

" أنا أحب نفسي وراضي عنها تمام الرضا" ، " أنا أسامح نفسي " ،" أنا أعمل صالحاً وخيراً لذاتي "، " إن نفسي مطمئنه "، وهكذا جميعها أمثله وكل شخص توكيداته تختلف عن الأخر فالتوكيدات هي شخصيه يرددها الشخص على حسب مقدار حبه لذاته، وكيف يريد إرضاءها؟ ولكن لا تستخدم (( لا )) وأي كلمات تدل عن النفي في توكيداتك.

بهذه الخطوات تستطيع أن تحب نفسك وتكون راضياً عنها تمام الرضا، وعلماً هذه التمارين لا تأتي خلال يوم واحد لربما تطول المده اسابيع أو شهور على حسب سرعة استجابة الصوت الداخلي للتأمل الصدقي مع النفس.

ثانياً: ماهي الأنانيه؟
هي الاستحواذ على النفس والافتتان بها.
بمعنى إسقاط كافة الحقوق وأداء حق الأنا فقط.

عن الرسول الكريم: (( بل ائتمِروا بالمعروفِ وتناهَوْا عن المنكرِ حتَّى إذا رأيتَ شُحًّا مطاعًا وهوًى مُتَّبعًا ودنيا مُؤثِرةً وإعجابَ كلِّ ذي رأيٍ برأيِه فعليك بخاصَّةِ نفسِك ودَعِ العوامَّ ، فإنَّ من ورائِكم أيَّامًا الصَّبرُ فيهنَّ كالقبضِ على الجمرِ ، للعاملِ فيهنَّ مثلُ أجرِ خمسين رجلًا يعملون مثلَ عملِكم ))

بتدبر وتفكر في هذا القول هناك تفسير واضح جداً بصفات الأنانيه، (( شُحًّا مطاعًا )) أي الأناني بخيلاً مادياً عاطفياً فكرياً نفسياً مشاعرياً، (( هوًى مُتَّبعًا ودنيا مُؤثِرةً )) اتباع الشهوات والملذات الغريزيه والدنيويه والالتهاء في زخرف دنيا الرفاهيه وعدم المبالاة بأي شئ، (( إعجابَ كلِّ ذي رأيٍ برأيِه )) الأنانيه والاصرار على رأيه إنه الصواب حتى خطأه صواب دون الاعتراف بأخطائه.

وأكون هكذا انتهيت من موضوعي وآمل أن أكون قد وفقت في الشرح والمفهوم للصفتين وختاماً لا أنا ولا أنت يستطيع أن يغير شخصاً جذرياً فالتغيير يبدأ من الداخل أي من النفس.

قال تعالى:  (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)، دليل قرآني صريح جداً إن التغيير يبدأ من الداخل بأي طريقه تريدها، تريد أن تتغير من سيئاً إلى جيداً أو عكس ذلك فـنفسك أو ذاتك بإختيارك أنت لا أنا و لا أي شخص كان، ولذلك نحن واجبنا التوعيه والتثقيف وهدفنا إصلاح المجتمع وإعادة تأهيله ليرتقي لمجتمع أكثر وعياً وثقافتاً.

سهاري حسن الزياره


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق